الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: وصول الأماني بأصول التهاني
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد: فقد طال السؤال عن ما اعتاده الناس من التهنئة بالعيد والعام والشهر والولايات ونحو ذلك هل له أصل في السنة؟ فجمعتُ هذا الجزء في ذلك وسميته: (وصول الأماني بأصول التهاني).
وأخرج الحاكم في المستدرك عن أسامة قال: تبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت حمزة فلم نجده، فقالت له امرأته: جئت يا رسول الله وأنا أريد أن آتيك وأهنئك أخبرني أبو عمارة- يعني حمزة- أنك أُعْطيْتَ نهرا في الجنة يدعى الكوثر. وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كُنْتُ مولاه فعلي مولاه». فقال: عمر بن الخطاب: هنيئا لك يا علي أمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. وأخرج أحمد وابن ماجة عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة فصلى الظهر وأخذ بيد علي فقال: «ألم تعلموا أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟». قالوا: بلى. فأخذ بيد علي فقال: «اللهم من كنتُ مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه». قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا عبدالله، هنيئا لك مريئا خلقت من طينتي وأبوك يطير مع الملائكة في السماء». وأخرج أحمد ومسلم عن أُبَي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله: أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: آية الكرسي. قال: «لِيَهْنِكَ العلم أبا المنذر».
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد: عن مسلم بن يسار قال:كانوا يقولون للرجل إذا برأ من مرضه: ليهنك الطهر.
قال في الصحاح: أفرخ الروع: أي ذهب الفزع، يقال: ليفرخ روعك: أي ليخرج عنك فزعك كما يخرج الفرخ عن البيضة، وأفرخ روعك يا فلان أي سكِّن جأشك. قال الميداني: وهو في هذا متعد، وفي الأول لازم. وأخرج الشافعي في الأم عن محمد بن كعب القرظي قال: حج آدم عليه السلام فتلقته الملائكة فقالوا: بَرَّ نُسُكُكَ يا آدم.
فلما رجع الغلام سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام، قبل الله حجك، وغفر ذنبك، وأخلف نفقتك». وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر أنه كان يقول للحاج إذا قدم: تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك.
وأخرج ابن السني عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فلما دخل استقبلته فأخذت بيده فقلت: الحمد لله الذي نصرك وأعزك وأكرمك. وأخرج ابن سعد: عن عبد الله بن أبي سفيان أبي أحمد قال: لقي أسيد بن الحضير رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل من بدر فقال: الحمد لله الذي أظفرك وأقر عينك.
وأخرج ابن ماجة وأبو يعلى عن عقيل بن أبي طالب: أنه تزوج فقيل له: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «على الخير والبركة، بارك الله لك، وبارك عليك». وأخرج الطبراني عن هبار: أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد نكاح رجل فقال: «على الخير والبركة والألفة والطائر الميمون والسعة في الرزق بارك الله لكم».
وأخرج الطبراني في الدعاء من طريق السري بن يحيى قال: ولد لرجل ولد فهنأه رجل فقال: ليهنك الفارس فقال الحسن البصري: وما يدريك قل جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد. ومن طريق حماد بن زيد قال: كان أيوب إذا هنأ رجلا بمولود قال: جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد.
لكن بيض له ولده في مسنده فلم يذكر له إسنادا.
قال ابن رجب: هذا الحديث أصل في التهنئة بشهر رمضان. اهـ.
فقال: تقبل الله منا ومنك. وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن صفوان بن عمرو السكسكي قال: سمعت عبد الله بن بشر، وعبد الرحمن بن عائذ، وجبير بن نفير، وخالد بن معدان يقال لهم في أيام الأعياد: تقبل الله منا ومنكم، ويقولون ذلك لغيرهم. وأخرج الطبراني في الدعاء، والبيهقي عن راشد بن سعد أن أبا أمامة، وواثلة لقياه في يوم عيد فقالا: تقبل الله منا ومنك. وأخرج زاهر بن طاهر في كتاب تحفة عيد الفطر، وأبو أحمد الفرضي في مشيخته بسند حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم. وأخرج زاهر أيضاً بسند حسن عن محمد بن زياد الألهاني قال: رأيت أبا أمامة الباهلي يقول في العيد لأصحابه: تقبل الله منا ومنكم. وأخرج البيهقي من طريق أدهم مولى عمر بن عبد العزيز قال: كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيد: تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين. فيرد علينا مثله ولا ينكر ذلك. وأخرج الطبراني في الدعاء عن شعبة بن الحجاج قال: لقيت يونس بن عبيد فقلت:تقبل الله منا ومنك. فقال لي مثله. وأخرج الطبراني في الدعاء من طريق حوشب بن عقيل قال: لقيت الحسن البصري في يوم عيد فقلت:تقبل الله منا ومنك. وأخرج ابن حبان في الثقات عن علي بن ثابت قال: سألت مالكا عن قول الناس في العيد: تقبل الله منا ومنك. فقال: ما زال الأمر عندنا كذلك. لكن أخرج ابن عساكر من حديث عبادة بن الصامت قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن قول الناس في العيدين تقبل الله منا ومنكم فقال: «كذلك فعل أهل الكتابين» وكرهه. وفي إسناده عبد الخالق بن خالد بن زيد بن واقد الدمشقي. قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك. وقال أبو نعيم: لا شيء. اهـ.
وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رأى على عمر قميصاً أبيض فقال: «ألبس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا». وقال سعيد بن منصور في سننه: ثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له: تبلي ويخلف الله عز وجل.
قال: أحمد الله إليك يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك الذي أردت منك». وأخرج بسند جيد عن ميسرة بن حبس قال: لقيت واثلة بن الأسقع فسلمت عليه فقلت: كيف أنت يا أبا شداد أصلحك الله؟ قال: بخير يا ابن أخي. وقال سعيد بن منصور في سننه: ثنا أبو شهاب عن الحسن بن عمرو عن أبي معشر عن الحسن قال: إنما كانوا يقولون: السلام عليكم، سَلِمَت والله القلوب. فأما اليوم: فكيف أصبحت عافاك الله؟ وكيف أمسيت أصلحك الله؟ فإن أخذنا نقول لهم كانت بدعة وإلا غضبوا علينا.
وله شاهد من حديث معاذ بن جبل أخرجه أبو الشيخ في الثواب. ومن حديث معاوية بن حيدة أخرجه الطبراني في الكبير.
فأجاب بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك. قال: والذي أراه أنه مباح ليس بسنة ولا بدعة. ونقله الشرف الغزي في شرح المنهاج ولم يزد عليه. |